نيفين عبد الهادي : عيد غزة وفلسطين بــأي حــال عــدّت

عيد غزة، بأيّ حال عدت يا عيدُ، دون شجرة عيد الميلاد، ودون حلواه، ودون فرحه، دون بابا نويل، دون هدية العيد، باختصار هي السنة الثالثة التي يحضر عيد الميلاد المجيد على أهلنا في غزة، دون أيّ مظهر من مظاهر العيد، يحضر العيد دون عيد، يحضر والوجع يزداد والجروح تتكاثر والمعاناة تتعاظم.
تشرق شمس اليوم والعالم يحتفل بعيد الميلاد المجيد، بينما أطفال غزة ونساؤها، ورجالها يبحثون عن شجرة عيد الميلاد بين جدران بقايا منازلهم، وبين ركام بيوتهم، بين ذاكرة المكان وجدران الأمس، يبحثون عن ضالة لن يجدوها، لا يجدون سوى دمار وحزن وشهداء وكنائس أصابتها أداة الحرب الإسرائيلية ودمرت أجزاء منها، ليأتي العيد من جديد برائحة الموت والوجع، تغيب عنه كل تفاصيل العيد بما فيها ترانيم الكنيسة وقرع أجراسها، فاليوم حزين كباقي أيام غزة، التي أفقدتها إسرائيل كل شيء من مقومات ومعالم الحياة.
يقول الأهل في غزة، نبحث عن شجرة عيد الميلاد، ولكن في زمن المجاعة والحرب والموت، لا نجدها، فإن وجدنا شجرا نحتاجه اليوم حطبا وقودا نطهو عليه لقمة لجائع، أو ندفئ بها أطفالنا، وحتى الشجر لم يبق، فقد تحوّل رمادا منذ أشهر بقذائف إسرائيل التي اقتلعت كل شيء بعيدا عن حرمة الدين والرحمة، يقولون يأخذهم الحنين لأيام ما قبل الحرب فقد كان لغزة عيد مليء بالفرح وكل طقوس العيد المجيد، والفرح، ليبقى من كل ذلك، الحنين والذكريات، بل بقايا ذكريات، لاسيما وأن جيلا كاملا اليوم في غزة لا يعرف شيئا من طقوس العيد فهم أبناء الحرب الذين لم يعيشوا فرح العيد، ولا يعرفونه.
ولا يختلف عيد الأهل في فلسطين عن عيد غزة، وعيد الأهل في القدس، وبيت لحم، فهو عيد ينقصه عيد، ينقصه الفرح والبهجة، عيد تحضر به الأوجاع، والذكريات والحنين لأيام نبضت بفرح بالأعياد، وطقوس غابت بشكل كامل، ولم يبق منها سوى صورة أو رسالة أو هدية أتلفها الزمن، لم يبق سوى كلمة عيد لأيام كغيرها من أيام رزنامة الفلسطينيين، بل ربما أكثر وجعا كونهم يعيشون حنينهم لأيام معطّرة برائحة الفرح مزيّنة بضحكات الأطفال.
وتبقى غزة وفلسطين حاضرة في الأردن دون غياب، في وجدان الأردن وأهله، في قلوبنا وعقولنا، دون غياب أو نسيان أو حتى تناس، بتأكيدات مستمرة على أنهم ليسوا وحدهم فالأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني داعم لهم، وسند، لن يخذلهم، ولن يغلق عينيه عن وجعهم، ولا أذنيه عن أنينهم، فهو الأردن الذي بقي وسيبقى معهم بكل ما أوتي من وفاء، وعهد بعدم الخذلان.
الأردن كما قال رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان أمس خلال زيارته مطرانية اللاتين في عمان ولقائه رؤساء وممثلي الكنائس المسيحية، وتهنئته المسيحيين بعيد الميلاد المجيد، وقرب حلول العام الميلادي الجديد، قال «إن وجدانُ الأردنِّ وأهلِه يتجه إلى أرضِ السلام، إلى أهلِنا وإخوتِنا المسيحيينَ في فلسطينَ عامّة، وفي غزّةَ خاصّة، الصامدينَ إلى جانبِ إخوتِهم المسلمينَ في مواجهةِ المعاناةِ والظلم... لنؤكّدَ لهم أنَّ الأردنَّ يقفُ إلى جانبِهم، ثابتاً على مواقفِه، ومواصلاً جهودَه لدعمهم، بقيادةِ جلالةِ الملكِ عبدالله الثَّاني»، نعم وجدان الأردنيين يتجه لأرض السلام، بتأكيدات أن الأردن يقف مع الأهل في فلسطين وفي غزة خاصة، وسيبقى يواصل جهوده الداعمة لهم بقيادة جلالة الملك، فهذا هو الأردن الذي يعيش عيده باستثنائية عظيمة، مؤكدا على أنه لن يخذل فلسطين وخاصة غزة.
رئيس الوزراء أشار إلى «أنَّنا نحتفل في هذه المناسبة، مع إخواننا من مسيحيي فلسطين في بيت لحم والقدس، ونشارك الأهل والأشقَّاء الفلسطينيين احتفالهم في أصعب الظروف»، بتأكيد على «موقف الأردن الثابت والدائم في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف»، بوقفة أردنية عظيمة وتجديد على ثوابت لم تتحرّك يوما، لأي ظرف وبأي زمن، سيبقى يعيش ظروف فلسطين وغزة الأصعب منذ سنين، وسيبقى حاميا للحق الفلسطيني وحاميا وراعيا للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، سيبقى الأردن سند فلسطين بعيدها وظروفها الأصعب















