+
أأ
-

الموازنة الأردنية لعام 2026

{title}
بلكي الإخباري

 

الدكتورة اسمهان الطاهر 

الموازنة الأردنية أُقرت، من النواب بعجزًا كبيرًا (يتجاوز 2 مليار دينار)، وهو أعلى عجز تشهده المملكة في تاريخها الحديث.

في حقيقة الأمر عجز الموازنة يعبر عن وضع  حرج تضطر فيه الحكومة عادة ان تنفق أكثر مما تجمع إيرادات. 

وفي حال استمرار العجز ، فإن الدولة قد تضطر مرة أخرى إلى الاقتراض لتغطية الفارق، ما يعني زيادة جديدة في المديونية العامة.

وكلما زاد العجز، زاد الاقتراض، وارتفعت تكلفة خدمة الدين العام بنسبة الفوائد، مما يؤثر سلبا على قدرة الحكومة المالية في الإنفاق على خدمات مثل: الصحة، التعليم، والبنية التحتية.

ومع ضعف القاعدة الإنتاجية وعدم وجود موارد طبيعية قوية، يُصعّب تحقيق نمو اقتصادي قوي يسهم في تحقيق إصلاحات اقتصادية حقيقية .

بشكل عام ورغم الصدمة التي ترافق الموازنة ذات العجز  الكبير ، الا انه من غير المرجح أن ينهار الاقتصاد الأردني بشكل مفاجئ أو يواجه، أزمات فورية، مع عدم انكار وجود مخاطر حقيقية إذا استمر العجز والتراكم طويلًا. 

ومن اهم العوامل التي قد تقلل من مخاطر  انهيار الاقتصاد،  وتحد من المخاطر المحتملة هو توقعات  بارتفاع نمو الناتج المحلي، تقريبي (حوالي 2.6–2.9٪) في 2025–2026.

ورغم القلق والترقب الذي، يصاحب عجز الموازنة، إلا أن هناك سياسات يمكن تبنيها من اجل النجاح في تراجع العجز تدريجيًا.

على سبيل المثال لا الحصر، نجاح الحكومة في تنفيذ خطة الإصلاح والتحديث الاقتصادي، التي شددت على أهمية العمل على تحقيق نمو اقتصادي، واستمرارية تطبيق الاصلاحات الضريبية التي أتبعتها للتحول في فرض ضريبة المبيعات من مبدأ البيع الى مبدأ التوريد،  والذي ينسجم مع الممارسات العالمية للضريبة المفروضة على السلع والخدمات، يمكن من يسهم بشكل فعال في سد الثغرات، المتعلقة بالتهرب والتجنب الضريبي. 

وكلما تم معالجة التهرب الضريبي، زادت قيمة الإيرادات، فكفاءة التحصيل الضريبي، يساهم في تقليل الثغرات، ويعزز الإيرادات الحكومية، ويدعم جهود الحكومة في تقليل العجز على المدى المتوسط، ويدعم الاستقرار المالي للدولة.

أن محركات خطة التحديث الاقتصادي، ركزت على التحصيل الضريبي ، وخفض الإنفاق الحكومي الغير ضروري، ودعم الاستثمار، وتنمية السياحة، والطاقة المتجددة، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة الإنتاج المحلي، كمسارات واضحة يمكن ان تساهم في تحسّن تدريجي للوضع المالي والاقتصادي في الأردن. 

اضافة إلى ذلك فإن إعادة جدولة القروض أو استبدال الديون ذات الفوائد المرتفعة بقروض ميسّرة تُعد من أهم الأدوات التي تستخدمها الحكومات لتخفيف الضغط عن المالية العامة. 

والأردن فعليًا اتبع هذا النهج في السنوات الأخيرة لما له من تأثير مباشر على الاستقرار الاقتصادي، حيث يخفف الضغط على الموازنة، ويدعم الاستقرار الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل.

وهناك الكثير من الفرص المتاحة الغير مباشرة التي يمكن أن تنعكس على الموازنة العامة في المدى القصير والمتوسط.

منها نسب تحويلات الأردنيين في الخارج  ورغم انها لا تدخل مباشرة إلى الموازنة العامة، لأنها أموال تصل إلى الأسر وليس إلى الحكومة، لكنها تؤثّر بشكل غير مباشر وقوي على الاقتصاد الكلي، وبالتالي فهي تزيد من قدرة الدولة على تقليل العجز في السنوات القادمة. 

فالتحويلات تقلّل الضغوط على ميزان المدفوعات والاحتياطي الأجنبي، وتسهم في ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، مما يعني استقرار سعر صرف الدينار، الذي بدوره ينعكس على المالية العامة بتخفيض كلفة خدمة الدين مستقبلاً. 

ان التحويلات الخارجية لا تحل مشكلة العجز ، لكنها عامل مهم في تقليل العجز عبر تعزيز، الاقتصاد، وزيادة الإيرادات، وخفض الإنفاق العام غير المباشر.

اخيرا  ورغم أن العجز الذي يتجاوز ملياري دينار في الموازنة الأردنية، يُعد تحديًا حقيقيًا، ولكنه ليس خطرًا لا يمكن السيطرة عليه. 

فبوجود إجراءات حكومية مدروسة وذكية—مثل تحسين كفاءة التحصيل الضريبي، والتحوّل إلى مبدأ التوريد في ضريبة المبيعات المطبقة فعليا، وتعزيز الإنتاج المحلي، وجدولة الديون واستبدال المكلف منها بقروض ميسّرة، وضبط الإنفاق وتحفيز النمو—يمكن أن يضمن للأردن تخفيف آثار هذا العجز تدريجيًا ويمنع تحوّله إلى أزمة مالية.

إن تبنّي سياسات مالية واقتصادية واقعية، والالتزام بالإصلاحات الهيكلية، يضع الأردن على مسار أكثر استقرارًا، ويجعل إدارة العجز ممكنة، وهو ما يضمن أن يكون مستقبل الاقتصاد الأردني،أكثر قوة وتوازنًا. حمى الله الأردن 

‏a.altaher@meu.edu.jo