د. ديمة طهبوب تكتب :- المنتخب… حكاية وطن سيستمر في ركل المستحيل

دائما ما تأسرني قصة البدايات وأرى كل توفيق لاحق نتاج غرس سابق فيه نية خير وفعل خير وسعي خير من أناس خيرين، ولأن الوطن هو صورة أخرى من العائلة، فاللعائلة أجداد وأباء وأبناء وأجيال تتوارث الأمانة وتحفظ العهد وتزكي السيرة والسمعة وترفع الاسم
ذهبت للمصادر أبحث عن النشامى الأوائل الذين بدأوا الحلم منذ عام ١٩٤٩ مع بداية نشأة الأردن وبعد استقلاله حين تأسس الاتحاد الأردني لكرة القدم وكان من أول الاتحادات العربية، ووجدت صفحة في البداية بمعلومة من أجمل ما يكون: "كان اللاعبون الأوائل في المنتخب الأردني من عمان والقدس واربد والسلط"، لفتت نظري هذه المعلومة، وهي ليست عارضه، أن القدس تحديدا كانت وما زالت على الدوام في لب قلوب الأردنيين، وتواجدها ليس مكملا وإنما أصيلا، حتى في فريق كرتهم الناشئ، وقد لعب هؤلاء الرواد في فرق المدارس، وفرق الجيش العربي، وأندية مبكرة مثل: الأهلي، الجزيرة، الفيصلي لاحقًا،وتضيف المصادر معلومة أخرى لها ظلال انتماء أصيل: "لقد لعب اعضاء المنتخب بدافع وطني بحت، دون احتراف أو عقود" وهذا تأكيد أن الرياضة، ومنها كرة القدم، قادرة على بناء شعور جمعي واحساس بالمسؤولية يفوق حساب الأرقام والمدفوعات
ولفت نظري في البدايات صورة اعلان عن مباراة لكرة القدم بين نادي الفيصلي الاردني ونادي غزة الرياضي في عام ١٩٤٥ على ملعب بلدية غزة في إشارة واضحه أن مدننا ما بين الأردن وفلسطين كانت حواضر للتمدن والنشاطات والتواصل المفتوح، وأنه كان يمكن لك أن تتناول افطارك في عمان ثم تتغدى او تتعشى صيادية أو قدرة بين أهلك في غزة، وأن لا مسافات ولا حدود بين النشمي والفدائي
ولكن المصادر تذكر أيضا أن المعلومات قليلة عن فترات البداية لضعف التوثيق وهنا تعود أهمية كتابة السردية من التاريخ الشفوي والمصادر المكتوبة وجمع الأرشيف الانساني الأردني ليخلد دور الأوائل المؤسسين ومن تابعوا البناء جنبا الى جنب مع من قطفوا ثمار النجاح في كل نشاط انساني يرتبط بقيمة نبيلة
وتضيف المصادر أنه في أول مباراة دولية خرجنا الى اشقائنا من بلاد الشام الى بلاد الشام والمحطة دمشق في عام ١٩٥٣، وتقول المصادر أنها كانت مباراة "ودية" بين أخوة لا بين متنافسين، وعاد فريقنا من بلاده الى بلده وربما خسر النتيجة ولكن ربح المعنى مستشعرا ما قاله شوقي:
جزاكم ذو الجلال بني دمشق
وعز الشرق أوله دمشق
وكل المصادر تجمع أنه بالرغم من ضعف الامكانات الا أن الروح والإصرار والدافعية كانت وتبقى السبب الأهم للاستمرار والتقدم
ثم توالت مراحل كثيرة كان فيها خسائر ولكن دون تراجع عن هدف الوصول في يوم ما، ولعل ما قاله اللاعب حسن عبد الفتاح يوما“لسنا أقل من أحد فقط نحتاج الإيمان" يمثل العزيمة التي نراها اليوم والتي لا تتراجع حتى بلوغ الهدف
المنتخب يقدم نموذجا للاصرار والنجاح لم يبدأ عملاقا ولكن طالت انجازاته حتى أصبح رقما صعبا على الخارطة العربية والقارية والان يدخل البوابة العالميه بكثير من الأمل والثقة المستحقة بالانجاز المتراكم
لم يولد المنتخب الأردني لكرة القدم من ذهب، ولم تُفرش بداياته بالعشب الأخضر ولا بالأضواء ككثير من ميادين الانجاز والمنجزين على امتداد الوطن، بل وُلد من هذا التراب، من ساحات المدارس، ومن ميادين الجيش، ومن الحارات ومن قلوب آمنت أن اسم الأردن يستحق أن يُرفع ليس فقط في الرياضة فحسب ولكن في السياسة والاقتصاد والمجتمع
قصة النجاح هذه فرصة لاعادة دمج الشباب في مشاريع وطنية ابتداء من خدمة العلم العسكرية الى رفع العلم وخدمته في كل مجال مدني ومهني
مبارك الفوز وقد تحقق، ونتيجة الغد إضافة فقط



















