مطالب نيابية بإعادة فتح معبر الرمثا تنعش آمال السكان وتعيد الزخم الاقتصادي للواء

تعيش مدينة الرمثا حالة من الترقب والأمل بعودة النشاط إلى معبر الرمثا الحدودي مع سورية، المغلق منذ ما يقارب 14 عامًا، وذلك في ظل مطالب نيابية طُرحت مؤخرًا تحت قبة البرلمان خلال مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026، أعادت هذا الملف إلى الواجهة من جديد.
وأكد مواطنون في الرمثا أن إعادة تشغيل المعبر من شأنها إحداث نقلة إيجابية في الحركة التجارية والاقتصادية داخل اللواء، خاصة بعد سنوات طويلة من توقف المعبر الذي كان يمثل شريانًا حيويًا للتبادل التجاري والمصالح الاقتصادية المشتركة بين الأردن وسورية.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، بقي معبر الرمثا مغلقًا، الأمر الذي دفع سكان المدينة والمناطق المجاورة إلى الاعتماد شبه الكامل على معبر جابر لعبور الأفراد والبضائع بين البلدين. غير أن هذا المعبر يواجه بدوره ضغطًا متواصلًا نتيجة الكثافة الكبيرة في حركة الشحن والمسافرين، ما فاقم الأعباء اليومية على المواطنين والسائقين والتجار، وزاد من صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية والمواد الغذائية.
ويرى سائقو مركبات السفريات والتجار أن فتح معبر الرمثا سيشكل انفراجًا حقيقيًا في تفاصيل حياتهم اليومية، إذ سيسهم في تخفيف الاعتماد على معبر جابر المزدحم، والذي يؤثر بشكل مباشر على أوقات العمل والدخل، كما سيؤدي إلى استقرار الأسعار، وتحسين توفر السلع، وتسهيل حركة التنقل بين الأردن وسورية، إضافة إلى إعادة الروابط الاجتماعية بين العائلات الممتدة على جانبي الحدود.
وأشاروا إلى أن استمرار الوضع الحالي أدى إلى تراكم خسائر اقتصادية متزايدة، وفاقم الضغوط النفسية على مختلف الفئات، لا سيما الأسر التي تعتمد على المعابر لتأمين احتياجاتها الأساسية، والتجار الذين باتت مشاريعهم مهددة بالخسارة بسبب تأخر وصول البضائع، فضلًا عن السائقين الذين يواجهون مشقة الطرق الطويلة والازدحام المستمر على معبر جابر.
وأكدوا أن إعادة فتح معبر الرمثا ستسهم في تنشيط الحركة التجارية، وخفض الأسعار، وزيادة توفر البضائع، وتخفيف الضغط على الأسواق المحلية، إلى جانب توفير فرص عمل جديدة، وتعزيز ثقة المواطنين بانتظام توفر السلع والاحتياجات الأساسية.
خطوة استراتيجية ذات أبعاد اقتصادية
وفي هذا السياق، اعتبر التاجر محمد ذيابات أن إعادة فتح معبر الرمثا بطريقة منظمة وآمنة تمثل خطوة استراتيجية مهمة لدعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز التبادل التجاري، وتسهيل حركة المسافرين والشحن، وتقليل الاعتماد على معبر واحد يعاني من الاكتظاظ، مؤكدًا أن ذلك سينعكس إيجابًا على العلاقات التجارية والسياسية مع الدول المجاورة، وبما يخدم مصلحة الأردن ومواطنيه.
من جانبه، أوضح صاحب محل للمواد الغذائية محمد السلمان أن ضعف توفر المنتجات وارتفاع تكاليف النقل عبر المعبر أثرا سلبًا على أعداد الزبائن، الأمر الذي انعكس على حجم المخزون واستمرارية العمل، مشيرًا إلى أن تأخر الشحنات ونقص المواد أضرا بالمشاريع التجارية والمنزلية، ورفعا الكلف التشغيلية، ما أدى إلى شبه توقف النشاط التجاري في فترات طويلة.
بدورها، قالت المواطنة أم محمد الزعبي إن صعوبة السفر للزيارات العائلية خلال المناسبات والأعياد ازدادت بشكل ملحوظ بعد الاعتماد على معبر جابر، موضحة أن الطوابير الطويلة وتأخر الإجراءات يتسببان بقضاء ساعات طويلة في التنقل، كما أن ارتفاع تكاليف النقل أدى إلى زيادة أسعار المواد الغذائية، ما أثقل كاهل ميزانية الأسرة وجعل تأمين مستلزمات المنزل تحديًا يوميًا.
أما العامل في قطاع النقل محمد ذيابات، فأشار إلى أن رحلاته اليومية باتت أكثر إرهاقًا، بسبب اضطراره لسلوك طرق أطول للوصول إلى معبر جابر، لافتًا إلى أن التأخير المستمر انعكس سلبًا على دخله وزاد من الأعباء الجسدية والنفسية. وأضاف أن السائقين الذين يعتمدون على نقل البضائع يواجهون تحديات مضاعفة نتيجة الازدحام الشديد، وزيادة استهلاك الوقود، وطول زمن الرحلة، وما يرافق ذلك من خسائر مالية، ما جعل كل رحلة تجربة مرهقة.
وأوضح ذيابات أن السائقين يؤكدون أن إعادة فتح معبر الرمثا بشكل منظم وآمن، مع وضع ضوابط واضحة لعبور البضائع والمسافرين ومنع التهريب، تمثل الحل الأمثل لتخفيف الضغط واستعادة النشاط الطبيعي لقطاع النقل، خاصة أن الاعتماد الكامل على معبر جابر لم يعد قادرًا على استيعاب حجم الحركة بشكل مستدام.
مطالب اقتصادية واستجابة رسمية
من جهتها، أكدت غرفة تجارة الرمثا أن معبر الرمثا كان سابقًا من أهم المنافذ التجارية بين الأردن وسورية، ولعب دورًا رئيسيًا في دعم الاقتصاد المحلي، وتنشيط الأسواق، وتوفير فرص العمل لأبناء اللواء، قبل أن يتوقف عن العمل بسبب الظروف الأمنية في سورية، وما تبع ذلك من تراجع كبير في حركة التجارة عبر الحدود.
وأشارت الغرفة في تصريحات سابقة إلى أن استمرار الإغلاق أضعف القدرة التنافسية للأسواق المحلية، وأدى إلى تراجع ملحوظ في النشاط التجاري، فضلًا عن زيادة الضغط على معبر نصيب – جابر، الذي بات المنفذ الرئيسي للتبادل التجاري بين البلدين، مطالبة بضرورة إعادة النظر في تفعيل معبر الرمثا لتخفيف هذا الضغط وتعزيز التنسيق التجاري الثنائي.
وفي رد رسمي على سؤال نيابي وجهه المحامي عوني الزعبي، أوضح وزير الداخلية مازن الفراية أن سبب استمرار إغلاق مركز حدود الرمثا يعود إلى الأوضاع على الجانب السوري، حيث تعرض المركز المقابل لأضرار كبيرة جراء الأحداث، وتم تحويله إلى نقطة عسكرية لضمان الأمن والاستقرار، مبينًا أن الحكومة الأردنية ناقشت مع الجانب السوري إمكانية إعادة فتح المعبر، إلا أن القرار استقر على الإبقاء على الوضع القائم.
وأكد الفراية أن الأردن اتخذ مجموعة من الإجراءات التحسينية في مركز حدود جابر لتسهيل حركة المسافرين والشحن، بما يضمن استمرار تدفق البضائع بشكل آمن، ويخدم الاقتصاد الوطني، ويعزز العلاقات السياسية والتجارية مع الدول المجاورة، رغم الضغط الكبير الناتج عن الاعتماد شبه الكامل على هذا المعبر.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات شملت تطوير البنية التحتية، وتنظيم حركة الشاحنات، وتسهيل إجراءات المسافرين، في محاولة للتخفيف من الأعباء اليومية التي يواجهها المواطنون والسائقون والتجار. كما شدد على أن الحكومة تولي أهمية كبيرة لتأمين حركة التجارة والاستثمار، مؤكدًا أن استمرار الإغلاق لا يعكس رغبة أردنية، بل فرضته ظروف استثنائية على الجانب السوري، مع استمرار التنسيق لتقييم إمكانية إعادة فتح المعبر عند تحسن الأوضاع، وبما يراعي المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية للأردن.
بدوره، أكد رئيس لجنة بلدية الرمثا الجديدة المهندس جمال أبو عبيد جاهزية البلدية الكاملة لتقديم مختلف أشكال الدعم اللوجستي والفني في حال تقرر إعادة فتح معبر الرمثا، مشيرًا إلى أن المعبر يشكل ركيزة اقتصادية أساسية للمدينة، ويعود بالفائدة على التجار والمجتمع المحلي.
وأضاف أن البلدية على استعداد للتعاون مع غرفة تجارة الرمثا والجهات الحكومية المختصة لتسهيل الإجراءات اللازمة، وضمان تشغيل المعبر بطريقة آمنة ومنظمة، مؤكدًا أن إعادة فتحه ستنعكس إيجابًا على الحركة التجارية، وتخفف الضغط عن معابر أخرى مثل نصيب – جابر، وتدعم الاقتصاد المحلي، وتوفر فرص عمل لأبناء المنطقة، مشيرًا إلى أن البلدية تتابع التطورات بشكل مستمر مع الجهات الرسمية في الأردن وسورية، وتلتزم بتقديم كل ما يلزم لإنجاح أي خطوة نحو إعادة تشغيل المعبر في أقرب وقت ممكن
















